أهمية مشاركة الشباب والمرأة في صناعة القرار السياسي ومفاوضات السلام
بقلم: شوقي نعمان
مشاركة الشباب والمرأة في صناعة القرار السياسي وحلول السلام، تسهم في خلق رؤية سياسية متنوعة ومتكافئة بين شرائح المجتمع، وإيجاد حلول صادقة وفعلية لصناعة سلام دائم وحياة سياسية واجتماعية مستقرة، وتحسين أوضاع المرأة في فرص العمل في إطار تعزيز حضور المرأة بكل المجالات المختلفة.
ذلك حق مكفول بالقانون والدستور وكل المواثيق الدولية التي أصدرتها الأمم المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي، بموافقة معظم الدول التي وقعت على هذه القوانين.
فالحقوق جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية التي لا يمكن لها أن تستقيم ما لم يكن هناك عدالة اجتماعية وسياسية متساوية، بل تتسم هذه الحقوق بالعالمية، أي بمعنى أن الجميع له الحق في أن يطالب بها، بصرف النظر عن انتمائهم وألوانهم وثقافتهم.
ولا يمكن أن يحدث سلام دائم ما لم يكن هناك عدالة اجتماعية، ولن تقوم دولة مدنية ما لم تكن المرأة والشباب جزءًا لا يتجزأ منها.
مرت سنوات طويلة والمرأة تناضل وتسعى للبحث عن دولة ومجتمع لا يمارس ضدها التمييز، ولا يتصف بالمجتمع الذكوري الذي يمنعها ويصادر حقها بالحياة السياسية والمدنية والثقافية والفكرية على حد سواء، وهذه المطالب هي حق من حقوق المرأة مكفولة بكل المواثيق والمعاهدات التي نص عليها القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولكن نتيجة عدم وجود الدولة المدنية الحقيقية غُيب حق المرأة كليًا، إضافة إلى الوضع المرير الذي عاشته المرأة تحت مبدأ الحاجة والبعد الإنساني.
رغم نضال المرأة في سبيل انتزاع حقها القانوني منذُ ثمانينيات القرن الماضي، أي بعد مصادقة معظم دول العالم على قوانين ترفض التمييز العنصري ضد المرأة، وتمنحها حقها مثلها مثل الرجل، إلا أن هناك بعض الدول النائية والعربية، لاسيما اليمن، ماتزال بعيدة عن الاتفاقيات المعاهدات التي تهدف وتنص على إلغاء التمييز ضد المرأة وإنهاء الثقافات الذكورية السائدة التي نصت عليها قوانين الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
إن من أهم النقاط التي تسهم في استقرار الوضع السياسي وإرساء قواعد الدولة المدنية وتأمين مقومات تطور المجتمع، تبدأ من حماية الحقوق والحريات وصيانتها، لاسيما حقوق المرأة على وجه الخصوص.
طيلة العقود الماضية والحقب السياسية المتفاوتة، لم تحصل المرأة على حقها بالحياة، وكل الخطابات السلطوية عن المرأة وتمكينها كانت صورية وشكلية ومتناقضة وتجميلية، لا تسمن ولا تغني، ربما استخدمت المرأة كواجهة للتعبير الديمقراطي لا أكثر ولا أقل.
رغم صدور الوثيقة الوطنية في مخرجات الحوار الوطني مؤخرًا، والتي تنص على أن المرأة يجب أن تمثل نسبة 30% على الأقل في المجالس التشريعية المنتخبة، وكذلك في التمكين السياسي والهياكل القيادية المنتخبة والخدمة المدنية والأحزاب والمنظمات والأجهزة الرقابية والتنفيذية، إضافة إلى مساواة الرجل بالمرأة في الدية والأرش، وتحديد مصيرها النهائي في كل مجالات الحياة، لم تمنح الحكومة اليمنية المرأة أي منصب في الحقائب الوزارية حتى الآن، وهذا يدل على مدى تجاهل الحكومة لمطالب المرأة وحقها، وكذلك الأحزاب التي تتحدث باسم الديمقراطية، لم تقف في وجه هذا العبث الحاصل في مصادرة حق الشباب والمرأة.
يجب أن يفهم الحاكم وتفهم النخب السياسية وكل منظمات المجتمع أن المرأة والشباب ليسوا مجموعة تستحق الرعاية والاهتمام، بل إنهم أصحاب حقوق ومطالب لا يمكن تجاوزها أو التنازل عنها، وأن تجاهلها يعد تجاهلًا لمبدأ قانون الحقوق والحريات الذي لا تقوم الدولة إلا به.
في لقاء إذاعي حول أهمية مشاركة المرأة والشباب في صناعة القرار ومفاوضات السلام، الذي أقامه التوافق الشبابي للسلام والأمن في بعض محطات إذاعية، كان هناك الكثير من التحديات والإشكاليات التي واجهتها المرأة على وجه الخصوص، وهي عدم القدرة على انتزاع حقها القانوني، سواء عن طريق الضغط الشعبي والقانوني والدولي، أو عن طريق مواصلة النضال والكفاح بكل الوسائل المشروعة لتحقيق حقها المتمثل في المشاركة السياسية والبقاء على وتيرة واحدة قوية للضغط على السلطة والمجتمع الدولي من أجل تحقيق مبدأ المساواة، ورفض مبدأ الإقصاء والتهميش الحاصل من السلطة والمجتمع.
كذلك غياب دور المعرفة والوعي عن بعض المكونات النسائية والشباب حول حقوقهم التي يجب أن يناضلوا من أجلها وانتزاعها دون تساهل، وإنشاء معاهد وجمعيات حول تأهيل المرأة والشباب وتعريفهم بحقوقهم التي كفلها القانون الدولي.
إن دور المرأة اليوم يجب أن يكون حاضرًا قويًا في مطالبة الدولة بفتح وتعليم محو الأمية بشكل جاد وصادق، والتي تشكل نسبة 75%، وتطبيق سياسة التعليم الإلزامي للفتيات، ومراقبة عدم تسربهن من التعليم، ورفع نسبة استيعاب الإناث مقارنة بالذكور في نفس المرحلة العمرية، وتوعية التنظيمات النسائية للاهتمام بتعزيز مشاركة المرأة الريفية والحضرية، وأهمية إقامة البرامج التوعية الملائمة في هذا المضمار، وتوعية الأسرة بأهمية مشاركة المرأة داخل الأسرة نفسها.
وكذلك عقد ندوات حول الجمعيات النسائية، والتعريف بدور المرأة وأهم الشخصيات النسوية التي ناضلت في هذا المجال.
لا سلام دون عدالة اجتماعية، ولا دولة مدنية بدون الشباب والمرأة.